الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: بيان مشكل الآثار **
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عُثْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ أَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ زِيَادِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ هِلاَلِ بْنِ أَبِي مَيْمُونَةَ عَنْ أَبِي مَيْمُونَةَ وَلَيْسَ بِأَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّهُ أُتِيَ فِي غُلاَمٍ بَيْنَ أَبَوَيْنِ فَقَالَ شَهِدْت النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أُتِيَ بِغُلاَمٍ بَيْنَ أَبَوَيْهِ فَقَالَ يَا غُلاَمُ هَذِهِ أُمُّك وَهَذَا أَبُوكَ فَاخْتَرْ. وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ النُّعْمَانِ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا زِيَادُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ: سَمِعْت مِنْ هِلاَلِ بْنِ أَبِي مَيْمُونَةَ يُحَدِّثُهُ عَنْ أَبِي مَيْمُونَةَ قَالَ: أَتَى أَبَا هُرَيْرَةَ رَجُلٌ فَارِسِيٌّ وَامْرَأَةٌ لَهُ يَخْتَصِمَانِ فِي ابْنٍ لَهُمَا فَقَالَ الْفَارِسِيُّ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ هَذَا بُسْرٌ يَعْنِي ابْنًا فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ لاََقْضِيَنَّ بَيْنَكُمَا بِمَا شَهِدْت رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَضَى بِهِ يَا غُلاَمُ هَذَا أَبُوك وَهَذِهِ أُمُّك فَاخْتَرْ أَيَّهُمَا شِئْتَ ثُمَّ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: شَهِدْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَأَتَاهُ رَجُلٌ وَامْرَأَةٌ يَخْتَصِمَانِ فِي ابْنٍ لَهُمَا, فَقَالَ الرَّجُلُ: يَا رَسُولَ اللهِ ابْنِي يَسْتَقِي مِنْ بِئْرِ أَبِي عِنَبَةَ, فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: هَذَا أَبُوكَ وَهَذِهِ أُمُّكَ, فَاخْتَرْ أَيُّهُمَا شِئْتَ قَالَ: فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ يُخَيِّرُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ذَلِكَ الصَّبِيَّ بَيْنَ أَبَوَيْهِ وَفِي ذَلِكَ مُتَعَلَّقٌ لِمَنْ يَذْهَبُ إلَى التَّخْيِيرِ فِي مِثْلِ هَذَا عَلَى مَنْ لاَ يَذْهَبُ إلَى التَّخْيِيرِ فِيهِ مِمَّنْ يَحْتَجُّ بِحَدِيثِ ابْنَةِ حَمْزَةَ الَّذِي رَوَيْنَاهُ فِي الْبَابِ الَّذِي قَبْلَ هَذَا الْبَابِ; لأَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَمْ يُخَيِّرْ فِيهِ ابْنَةَ حَمْزَةَ بَيْنَ عَصَبَتِهَا لِتَخْتَارَ أَيُّهُمْ شَاءَتْ, وَإِلَى هَذَا كَانَ يَذْهَبُ أَكْثَرُ الْكُوفِيِّينَ فِي تَرْكِ التَّخْيِيرِ فِيهِ وَكَانَ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْحِجَازِ يَسْتَعْمِلُونَ التَّخْيِيرَ فِي هَذَا لِلْحَدِيثِ الَّذِي قَدْ رَوَيْنَاهُ فِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ غَيْرَ أَنَّ عَلَيْهِمْ فِي ذَلِكَ مُطَالَبَاتٍ لِبَعْضِ مَنْ يُخَالِفُهُمْ فِي ذَلِكَ أَنَّ حَدِيثَ زِيَادٍ لَمْ يَسْتَوْعِبْ مَا كَانَ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي ذَلِكَ الصَّبِيِّ وَقَدْ اسْتَوْعَبَهُ حَدِيثُ غَيْرِهِ مِمَّنْ لَيْسَ بِدُونِهِ وَهُوَ يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ. كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدَةَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ زَيْدٍ الْمَرْوَزِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو تَوْبَةَ الرَّبِيعُ بْنُ نَافِعٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ سَلَّامٍ عَنْ يَحْيَى وَهُوَ ابْنُ أَبِي كَثِيرٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي هِلاَلُ بْنُ أَبِي مَيْمُونَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه وَلَمْ يَذْكُرْ فِي إسْنَادِهِ أَبَا مَيْمُونَةَ قَالَ: جَاءَتْ امْرَأَةٌ إلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ إنَّ زَوْجِي يُرِيدُ أَنْ يَحُولَ بَيْنِي وَبَيْنَ ابْنِي وَكَانَ قَدْ طَلَّقَهَا فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم اسْتَهِمَا عَلَيْهِ فَقَالَ الرَّجُلُ مَنْ يَحُولُ بَيْنِي وَبَيْنَ ابْنِي فَخَيَّرَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم الْغُلاَمَ بَيْنَ أَبِيهِ وَأُمِّهِ فَاخْتَارَ أُمَّهُ فَذَهَبَتْ بِهِ كَمَا حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عُثْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ شَبَّوَيْهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْمُبَارَكِ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي مَيْمُونَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ هِلاَلاً قَالَ: جَاءَتْ امْرَأَةٌ إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِابْنٍ لَهَا وَكَانَ زَوْجُهَا طَلَّقَهَا فَأَرَادَ أَبُوهُ أَنْ يَأْخُذَهُ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم اسْتَهِمَا فِيهِ فَقَالَ الرَّجُلُ مَنْ يَحُولُ بَيْنِي وَبَيْنَ ابْنِي فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِلْغُلاَمِ اخْتَرْ أَيُّهُمَا شِئْتَ فَاخْتَارَ الآُمَّ فَذَهَبَتْ بِهِ. قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَمْ يُخَيِّرْ ذَلِكَ الْغُلاَمَ بَيْنَ أَبِيهِ وَأُمِّهِ حَتَّى دَعَا أَبَوَيْهِ إلَى الاِسْتِهَامِ عَلَيْهِ قَبْلَ ذَلِكَ, وَمَنْ خَيَّرَ بِلاَ دُعَاءٍ مِنْهُ الَّذِي يُخَيِّرُهُ بَيْنَهُمَا إلَى الاِسْتِهَامِ عَلَى الصَّبِيِّ الْمُخَيَّرِ قَبْلَ التَّخْيِيرِ تَارِكٌ لِهَذَا الْحَدِيثِ وَعَلَيْهِ فِي تَرْكِهِ إيَّاهُ مِثْلُ مَا عَلَى الَّذِي لاَ يُخَيَّرُ فِي تَرْكِهِ التَّخْيِيرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ. وَقَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَيْضًا فِي مِثْلِ هَذَا مَا قَدْ دَلَّ أَنَّ التَّخْيِيرَ لَمْ يَكُنْ مِنْهُ قَضَاءً بِهِ وَلَكِنَّهُ كَانَ بِاخْتِيَارِ أَبَوَيْ الصَّبِيِّ لِذَلِكَ. كَمَا حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَزِيدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ الْبَتِّيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ سَلَمَةَ الأَنْصَارِيُّ أَنَّ جَدَّهُ أَسْلَمَ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَلَمْ تُسْلِمْ امْرَأَتُهُ وَلَهُ مِنْهَا وَلَدٌ فَاخْتَصَمَا فِي وَلَدِهِمَا إلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ لَهُمَا: إنْ شِئْتُمَا خَيَّرْتُكُمَا فَأَجْلَسَ الأَبَ نَاحِيَةً وَالآُمَّ نَاحِيَةً ثُمَّ خَيَّرَ الْغُلاَمَ فَانْطَلَقَ نَحْوَ أُمِّهِ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم اللَّهُمَّ اهْدِهِ فَرَجَعَ الْغُلاَمُ إلَى أَبِيهِ هَكَذَا رَوَى هُشَيْمٌ هَذَا الْحَدِيثَ، عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ وَقَدْ خَالَفَهُ غَيْرُهُ فِي إسْنَادِهِ فَرَوَاهُ زَائِدًا عَلَى مَا رَوَاهُ عَلَيْهِ هُشَيْمٌ كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عُثْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا نُعَيْمٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ جَعْفَرٍ الأَنْصَارِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ رَافِعِ بْنِ سِنَانٍ أَنَّهُ أَسْلَمَ وَأَبَتْ امْرَأَتُهُ أَنْ تُسْلِمَ فَأَتَتْ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ ابْنَتِي، وَهِيَ فَطِيمٌ أَوْ شِبْهُهُ، وَقَدْ أَدْرَكْتُ ابْنَتِي فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم اُقْعُدْ وَقَالَ اُقْعُدِي نَاحِيَةً وَأَقْعَدَ الصَّبِيَّةَ بَيْنَهُمَا وَقَالَ اُدْعُوَاهَا فَجَاءَتْ الصَّبِيَّةُ إلَى أُمِّهَا فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم اللَّهُمَّ اهْدِهَا فَذَهَبَتْ إلَى أَبِيهَا فَأَخَذَهَا. قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ أَبَوَيْ هَذِهِ الصَّبِيَّةِ أَنْ يَدْعُوَاهَا وَهَذَا مِمَّا قَدْ دَلَّ أَنَّ هَذَا مِنْ الْحُكْمِ فِي مِثْلِهَا. وَكَمَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عُثْمَانَ الْبَتِّيِّ، عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَجُلاً أَسْلَمَ وَلَمْ تُسْلِمْ امْرَأَتُهُ فَاخْتَصَمَا إلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي صَبِيٍّ لَهُمَا فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم هَلْ لَكُمَا أَنْ تُخَيِّرَاهُ؟ فَقَالاَ نَعَمْ فَنَادَتْهُ أُمُّهُ فَذَهَبَ نَحْوَهَا فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم اللَّهُمَّ اهْدِهِ فَنَادَاهُ أَبُوهُ فَانْصَرَفَ إلَيْهِ فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَيْضًا أَنَّ التَّخْيِيرَ إنَّمَا كَانَ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِذَلِكَ الصَّبِيِّ بِاخْتِيَارِ أَبَوَيْهِ ذَلِكَ لاَ بِوَاجِبٍ عَلَيْهِمَا فِيهِ. وَكَمَا قَدْ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عُثْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ شَبَّوَيْهِ قَالَ: قُلْت لِعَبْدِ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَكُمْ سُفْيَانُ عَنْ عُثْمَانَ الْبَتِّيِّ، عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ الأَنْصَارِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ أَنَّهُ أَسْلَمَ وَأَبَتْ امْرَأَتُهُ أَنْ تُسْلِمَ فَجَاءَ بِابْنٍ لَهُ صَغِيرٍ لَمْ يَبْلُغْ فَأَجْلَسَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الآُمَّ هَاهُنَا وَالأَبَ هَاهُنَا ثُمَّ خَيَّرَهُ وَقَالَ اللَّهُمَّ اهْدِهِ فَذَهَبَ إلَى أَبِيهِ؟ فَقَالَ: عَبْدُ الرَّزَّاقِ نَعَمْ: فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ الْغُلاَمَ لَمْ يَكُنْ بَلَغَ, وَأَنَّهُ صَغِيرٌ فَفِي ذَلِكَ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّ ذِكْرَ الإِدْرَاكِ فِي مَا قَدْ رَوَيْنَاهُ قَبْلَهُ لَمْ يُرِدْ بِهِ إدْرَاكَ الْبُلُوغِ, وَلَكِنَّهُ أُرِيدَ بِهِ إدْرَاكُ الْحُكْمِ فِيهِ بِمَا يَجِبُ أَنْ يَحْكُمَ بِهِ فِي مِثْلِهِ وَكَمَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَحْرِ بْنِ مَطَرٍ الْبَغْدَادِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ الْبَتِّيُّ وَكَانَ مِنْ الْعِلْمِ بِمَكَانٍ، عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: أَسْلَمَ أَبِي وَأَبَتْ أُمِّي أَنْ تُسْلِمَ فَاخْتَصَمَا إلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَأَنَا غُلاَمٌ فَقَالَ أَبِي أَنَا أَحَقُّ بِهِ وَقَالَتْ أُمِّي أَنَا أَحَقُّ بِهِ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إنْ شِئْتُمَا خَيَّرْتُهُ فَوَثَبَتْ أُمِّي لِلُطْفِهَا بِي فَقَالَتْ قَدْ رَضِيتُ قَالَ أَبِي قَدْ رَضِيتُ فَدَعَانِي النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ يَا غُلاَمُ إنْ شِئْت اذْهَبْ إلَى أَبِيك, وَإِنْ شِئْت اذْهَبْ إلَى أُمِّك فَتَوَجَّهْت نَحْوَ أُمِّي فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم سَمِعْتُهُ يَقُولُ مِنْ خَلْفِي اللَّهُمَّ اهْدِهِ فَتَوَجَّهْت إلَى أَبِي حَتَّى قَعَدْت فِي حِجْرِهِ فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَيْضًا أَنَّ تَخْيِيرَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لِذَلِكَ الصَّبِيِّ إنَّمَا كَانَ بَعْدَ اخْتِيَارِ أَبَوَيْهِ أَنْ يُخَيَّرَ بَيْنَهُمَا فَوَجَبَ بِتَصْحِيحِ مَا رَوَيْنَاهُ فِي هَذَا الْبَابِ أَنْ لاَ يَخْرُجَ عَنْ شَيْءٍ مِمَّا رَوَيْنَاهُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِيهِ وَلاَ يُتْرَكَ, وَأَنْ يَكُونَ الْمُسْتَعْمَلُ فِي مِثْلِ هَذَا دُعَاءَ أَبَوَيْ الصَّبِيِّ إلَى الاِسْتِهَامِ عَلَيْهِ فَإِنْ أَجَابَا إلَى ذَلِكَ أُسْهِمَ بَيْنَهُمَا عَلَيْهِ, وَإِنْ أَبَيَا ذَلِكَ ثُمَّ سَأَلاَ أَنْ يُخَيَّرَ الصَّبِيُّ بَيْنَهُمَا لِيَخْتَارَ أَحَدَهُمَا فَيَكُونَ أَحَقَّ بِهِ مِنْ الآخَرِ فَعَلَ ذَلِكَ فِيهِ, وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْهُمَا اخْتِيَارٌ فِي ذَلِكَ وَجَبَ أَنْ يَرْجِعَ إلَى مَا فِي حَدِيثِ ابْنَةِ حَمْزَةَ الَّذِي رَوَيْنَاهُ فِي الْبَابِ الَّذِي قَبْلَ هَذَا الْبَابِ فَيُسْتَعْمَلْ فِيهِ وَيُقْضَى بِهِ لِمَنْ يَرَاهُ الْحَاكِمُ فِيهِ أَوْلَى بِهِ مِنْ الْمُخْتَصِمِينَ إلَيْهِ فِيهِ وَعَبْدُ الْحَمِيدِ صَاحِبُ هَذَا الْحَدِيثِ قَدْ بَيَّنَهُ لَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ فِي رِوَايَتِهِ إيَّاهُ عَنْهُ وَأَنَّهُ عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ وَكَانَ مَا نَسَبَهُ إلَيْهِ غَيْرُهُ مِمَّنْ رَوَاهُ عَنْهُ مِمَّنْ ذَكَرْنَاهُ فِي هَذَا الْبَابِ. فَقَالَ هُشَيْمٌ فِيهِ ابْنُ سَلَمَةَ وَوَافَقَهُ عَلَى ذَلِكَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ وَقَالَ فِيهِ عَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ فَكُلُّ مَنْ نَسَبَهُ إلَى غَيْرِ جَعْفَرٍ فَإِنَّمَا نَسَبَهُ إلَى كُنْيَةِ أَبِيهِ أَوْ إلَى أَبٍ مِنْ آبَائِهِ يُسَمَّى بِذَلِكَ الاِسْمِ الَّذِي ذَكَرَهُ بِهِ وَقَدْ حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَغْدَادِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو حَفْصٍ عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ قَالَ: سَمِعْت أَبَا عَاصِمٍ يَقُولُ سَمِعْت عَبْدَ الْحَمِيدِ بْنَ جَعْفَرٍ يَقُولُ أَنَا حَدَّثْتُ الْبَتِّيَّ بِحَدِيثِ التَّخْيِيرِ بِالأَهْوَازِ فَبَانَ بِذَلِكَ أَنَّ عَبْدَ الْحَمِيدِ هَذَا الْمَذْكُورَ فِي هَذِهِ الآثَارِ هُوَ عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ كَمَا قَالَ عِيسَى بْنُ يُونُسَ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي رَوَيْنَاهُ عَنْهُ فِي هَذَا الْبَابِ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رضي الله عنه أَنَّهُ قَضَى فِي مِثْلِ هَذَا بَيْنَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه وَبَيْنَ أُمِّ عَاصِمٍ ابْنِهِ الَّتِي كَانَ طَلَّقَهَا فَجَعَلَهُ لَهَا بِغَيْرِ تَخْيِيرٍ بَيْنَهُمَا فِيهِ إِلاَّ أَنَّ فِيهِ حَرْفًا قَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ أُرِيدَ بِهِ التَّخْيِيرُ فِي حَالٍ مُسْتَأْنَفَةٍ. كَمَا حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ شَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَاصِمٌ الأَحْوَلُ عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ: خَاصَمَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه امْرَأَتَهُ الَّتِي طَلَّقَ إلَى أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه فِي وَلَدِهَا فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ هِيَ أَحَقُّ بِهِ مَا لَمْ تَزَوَّجْ أَوْ يَشِبَّ الصَّبِيُّ وَقَالَ هِيَ أَحْنَى وَأَعْطَفُ وَأَلْطَفُ وَأَرْأَفُ وَأَرْحَمُ. قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ غَيْرَ أَنَّهُ قَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ أَوْ يَشِبَّ الصَّبِيُّ لاَ يُرِيدُ بِهِ حَالاً يُخَيَّرُ فِيهَا وَلَكِنْ يُرِيدُ بِهِ حَالاً يَخْرُجُ بِهِ مِنْ الْحَضَانَةِ وَيَسْتَغْنِي عَنْهَا فَيَكُونُ لأَبِيهِ دُونَ أُمِّهِ, وَاَللَّهَ، عَزَّ وَجَلَّ، نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ. حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُد قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ يُونُسَ (ح) وَحَدَّثَنَا فَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ مَالِكُ بْنُ إسْمَاعِيلَ النَّهْدِيُّ قَالاَ حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ: حَدَّثَنِي الْوَلِيدُ بْنُ قَيْسٍ الْيَشْكُرِيُّ أَبُو هَمَّامٍ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ حَسَّانَ الْعَامِرِيِّ عَنْ فُلْفُلَةَ الْجُعْفِيِّ قَالَ: فَزِعْت فِيمَنْ فَزِعَ إلَى عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ فِي الْمَصَاحِفِ فَدَخَلْنَا عَلَيْهِ فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ الْقَوْمِ إنَّا لَمْ نَأْتِك زَائِرِينَ وَلَكِنَّا جِئْنَا حِينَ رَاعَنَا هَذَا الْخَبَرُ قَالَ: إنَّ الْقُرْآنَ أُنْزِلَ عَلَى نَبِيِّكُمْ مِنْ سَبْعَةِ أَبْوَابٍ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ وَإِنَّ الْكِتَابَ كَانَ يَنْزِلُ أَوْ يُنْزَلُ مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ عَلَى حَرْفٍ وَاحِدٍ حَدَّثَنَا فَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ الْحِمَّانِيُّ (ح) وَ ثنا يَحْيَى بْنُ عُثْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ الْبَرْدِيُّ قَالاَ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ وَهُوَ ابْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ عَنْ مُغِيرَةَ عَنْ وَاصِلِ بْنِ حَيَّانَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي الْهُذَيْلِ عَنْ أَبِي الأَحْوَصِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أُنْزِلَ الْقُرْآنُ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ لِكُلِّ آيَةٍ مِنْهَا ظَهْرٌ وَبَطْنٌ وَلِكُلِّ حَدٍّ مَطْلَعٌ. وَحَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْجَارُودِ قَالاَ ثنا عَفَّانَ بْنُ مُسْلِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ قَالَ: أَنَا حُمَيْدٌ عَنْ أَنَسٍ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ عَنْ أُبَيٍّ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: أُنْزِلَ الْقُرْآنُ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَفَّانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ قَالَ: أَنَا حُمَيْدٌ عَنْ أَنَسٍ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ أَنَّ أُبَيًّا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أُنْزِلَ الْقُرْآنُ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ. حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَنْصُورُ بْنُ سُقَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عَاصِمِ بْنِ بَهْدَلَةَ عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ عَنْ حُذَيْفَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَقِيَ جِبْرِيلَ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ إنِّي أُرْسِلْت إلَى أُمَّةٍ فِيهِمْ الشَّيْخُ الْكَبِيرُ وَالْعَجُوزُ وَالْغُلاَمُ وَالْخَادِمُ وَالشَّيْخُ الْفَانِي الَّذِي لَمْ يَقْرَأْ كِتَابًا قَطُّ فَقَالَ إنَّ الْقُرْآنَ أُنْزِلَ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ. حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى قَالَ: أَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ،قَالَ: أَخْبَرَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ بِلاَلٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ خُصَيْفَةَ عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ أَنَّ أَبَا جُهَيْمٍ الأَنْصَارِيَّ أَخْبَرَهُ أَنَّ رَجُلَيْنِ اخْتَلَفَا فِي آيَةٍ مِنْ الْقُرْآنِ فَقَالَ هَذَا تَلَقَّيْتُهَا مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَقَالَ الآخَرُ تَلَقَّيْتُهَا مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَسَأَلاَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إنَّ هَذَا الْقُرْآنَ أُنْزِلَ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ فَلاَ تُمَارُوا فِي الْقُرْآنِ فَإِنَّ الْمِرَاءَ فِيهِ كُفْرٌ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى قَالَ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ أَبِي يَزِيدَ قَالَ: سَمِعْت أُمَّ أَيُّوبَ الأَنْصَارِيَّةَ وَقَالَ مَرَّةً يُونُسُ الْقَائِلُ أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللهِ بْنُ أَبِي يَزِيدَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ سَمِعْت أُمَّ أَيُّوبَ الأَنْصَارِيَّةَ قَالَتْ نَزَلَ عَلَيَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ نَزَلَ الْقُرْآنُ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ أَيَّهَا قَرَأْت أَصَبْت هَكَذَا أَمْلاَهُ يُونُسُ عَلَيْنَا عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنْ اخْتِلاَفِ مَا حَدَّثَ بِهِ ابْنُ عُيَيْنَةَ عَلَيْهِ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ هَاتَيْنِ الْمَرَّتَيْنِ. وَحَدَّثَنَا فَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ صَالِحٍ قَالَ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلاَنَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: أُنْزِلَ الْقُرْآنُ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ فَاقْرَءُوا وَلاَ حَرَجَ غَيْرَ أَنْ لاَ تَجْمَعُوا بَيْنَ ذِكْرِ رَحْمَةٍ بِعَذَابٍ وَلاَ ذِكْرِ عَذَابٍ بِرَحْمَةٍ. قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: رحمه الله فَذَهَبَ قَوْمٌ إلَى أَنَّ هَذِهِ السَّبْعَةَ الأَحْرُفَ الْمَذْكُورَةَ فِي هَذِهِ الآثَارِ هِيَ سَبْعَةُ أَنْحَاءٍ كُلُّ نَحْوٍ مِنْهَا جُزْءٌ مِنْ أَجْزَاءِ الْقُرْآنِ خِلاَفَ الْمَنْحَى الآخَرِ مِنْهُ وَذَهَبُوا إلَى أَنَّ كُلَّ حَرْفٍ مِنْ هَذِهِ الأَحْرُفِ هُوَ صِنْفٌ مِنْ الأَصْنَافِ لَقَوْلِ اللهِ، عَزَّ وَجَلَّ، وَذَلِكَ أَنَّ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ قَدْ رُوِيَ عَنْهُ أَنَّ جِبْرِيلَ أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ اقْرَأْ عَلَى حَرْفٍ فَاسْتَزَادَهُ فَقَالَ اقْرَأْ عَلَى حَرْفَيْنِ فَقَدْ عَلِمْنَا أَنَّ الْحَرْفَ الَّذِي عَلَّمَهُ أَنْ يَقْرَأَ عَلَيْهِ مُحَالٌ أَنْ يَكُونَ حَرَامًا لاَ مَا سِوَاهُ أَوْ يَكُونَ حَلاَلاً لاَ مَا سِوَاهُ; لأَنَّهُ لاَ يَجُوزُ أَنْ يُقْرَأَ الْقُرْآنُ عَلَى أَنَّهُ حَلاَلٌ كُلُّهُ وَلاَ عَلَى أَنَّهُ حَرَامٌ كُلُّهُ. قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَهُوَ كَمَا قَالَ: ابْنُ أَبِي عِمْرَانَ. وَمِمَّا احْتَجَّ بِهِ أَهْلُ هَذِهِ الْمَقَالَةِ لِقَوْلِهِمْ هَذَا مَا قَدْ حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْجِيزِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ وَهْبُ اللهِ بْنُ رَاشِدٍ أَخْبَرَنَا حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا عُقَيْلُ بْنُ خَالِدٍ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: كَانَ الْكِتَابُ الأَوَّلُ نَزَلَ مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ عَلَى حَرْفٍ وَاحِدٍ وَنَزَلَ الْقُرْآنُ مِنْ سَبْعَةِ أَبْوَابٍ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ زَاجِرٍ، وَآمِرٍ، وَحَلاَلٍ، وَحَرَامٍ، وَمُحْكَمٍ، وَمُتَشَابِهٍ، وَأَمْثَالٍ، فَأَحِلُّوا حَلاَلَهُ, وَحَرِّمُوا حَرَامَهُ, وَافْعَلُوا مَا أُمِرْتُمْ وَانْتَهُوا عَمَّا نُهِيتُمْ عَنْهُ, وَاعْتَبِرُوا بِأَمْثَالِهِ, وَاعْمَلُوا بِمُحْكَمِهِ, وَآمِنُوا بِمُتَشَابِهِهِ, وَقُولُوا آمَنَّا بِاَللَّهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُد، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ صَالِحٍ قَالَ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ: حَدَّثَنِي عُقَيْلُ بْنُ خَالِدٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ،قَالَ: أَخْبَرَنِي سَلَمَةُ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ ذَكَرَ هَذَا الْحَدِيثَ وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ عَبْدَ اللهِ بْنَ مَسْعُودٍ. قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَاخْتَلَفَ حَيْوَةُ وَاللَّيْثُ عَلَى عُقَيْلٍ فِي إسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ فَرَوَاهُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَنْهُ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ فِي رِوَايَتِهِ إيَّاهُ عَنْهُ قَالَ: وَكَانَ أَهْلُ الْعِلْمِ بِالأَسَانِيدِ يَدْفَعُونَ هَذَا الْحَدِيثَ لاِنْقِطَاعِهِ فِي إسْنَادِهِ; وَلأَنَّ أَبَا سَلَمَةَ لاَ يَتَهَيَّأُ فِي سِنِّهِ لِقَاءُ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ وَلاَ أَخْذُهُ إيَّاهُ عَنْهُ, وَذَهَبَ آخَرُونَ فِيمَا ذَكَرَ لَنَا ابْنُ أَبِي عِمْرَانَ إلَى أَنَّ مَعْنَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ سَبْعُ لُغَاتٍ; لأَنَّهُ قَدْ ذُكِرَ فِي الْقُرْآنِ غَيْرُ شَيْءٍ بِلُغَاتٍ مُخْتَلِفَةٍ مِنْ لُغَاتِ الْعَرَبِ. وَمِنْهُ مَا ذُكِرَ بِمَا لَيْسَ مِنْ لُغَاتِهِمْ غَيْرَ أَنَّهُ عُرِّبَ فَدَخَلَ فِي لُغَتِهِمْ مِثْلُ طُورِ سِينِينَ فَأُنْزِلَ الْقُرْآنُ عَلَى تِلْكَ الأَحْرُفِ كُلِّهَا بَعْضُهُ عَلَى هَذَا الْحَرْفِ وَبَعْضُهُ عَلَى الْحَرْفِ الآخَرِ فَقِيلَ أُنْزِلَ الْقُرْآنُ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ أَيْ أُنْزِلَ الْقُرْآنُ كُلُّهُ عَلَى تِلْكَ السَّبْعَةِ الأَحْرُفِ. قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ فَتَأَمَّلْنَا نَحْنُ هَذَا الْبَابَ لِنَقِفَ عَلَى حَقِيقَةِ الأَمْرِ فِيهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ، تَعَالَى، فَوَجَدْنَا اللَّهَ، سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، قَدْ قَالَ: فِي كِتَابِهِ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَأَعْلَمَنَا اللَّهُ، تَعَالَى، أَنَّ الرُّسُلَ إنَّمَا تُبْعَثُ بِأَلْسُنِ قَوْمِهَا لاَ بِأَلْسُنِ سِوَاهَا وَعَقَلْنَا بِذَلِكَ أَنَّ اللِّسَانَ الَّذِي بُعِثَ بِهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم هُوَ لِسَانُ قَوْمِهِ وَهُمْ قُرَيْشٌ لاَ مَا سِوَاهُ مِنْ الأَلْسُنِ الْعَرَبِيَّةِ وَغَيْرِهَا, وَكَانَ قَوْمُهُ صلى الله عليه وسلم الْمُرَادُونَ بِذَلِكَ هُمْ قُرَيْشٌ لاَ مَنْ سِوَاهُمْ وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ اللهِ، تَعَالَى، لَهُ فَدَعَا قُرَيْشًا بَطْنًا بَطْنًا حَتَّى تَنَاهَى إلَى آخِرِهَا, وَلَمْ يَتَجَاوَزْهَا إلَى مَنْ سِوَاهَا, وَإِنْ كَانُوا قَدْ وَلَدُوهُ كَمَا وَلَدَتْهُ قُرَيْشٌ فَعَقَلْنَا بِذَلِكَ أَنَّ قَوْمَهُ الَّذِينَ بَعَثَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِلِسَانِهِمْ هُمْ قُرَيْشٌ دُونَ مَنْ سِوَاهُمْ وَكَانَ صلى الله عليه وسلم يَقْرَأُ مَا يَنْزِلُ عَلَيْهِ مِنْ الْقُرْآنِ بِاللِّسَانِ الَّذِي ذَكَرْنَا عَلَى أَهْلِ ذَلِكَ اللِّسَانِ وَعَلَى مَنْ سِوَاهُمْ مِنْ النَّاسِ مِنْ أَهْلِ الأَلْسِنَةِ الْعَرَبِيَّةِ الَّتِي تُخَالِفُ ذَلِكَ اللِّسَانَ وَعَلَى مَنْ سِوَاهُمْ مِمَّنْ لَيْسَ مِنْ الْعَرَبِ مِمَّنْ دَخَلَ فِي دِينِهِ كَسَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ وَكَمَنْ سِوَاهُ مِمَّنْ صَحِبَهُ وَآمَنَ بِهِ وَصَدَّقَهُ وَكَانَ أَهْلُ لِسَانِهِ أُمِّيِّينَ لاَ يَكْتُبُونَ إِلاَّ الْقَلِيلَ مِنْهُمْ كِتَابًا ضَعِيفًا, وَكَانَ يَشُقُّ عَلَيْهِمْ حِفْظُ مَا يَقْرَؤُهُ عَلَيْهِمْ بِحُرُوفِهِ الَّتِي يَقْرَؤُهُ بِهَا عَلَيْهِمْ وَلاَ يَتَهَيَّأُ لَهُمْ كِتَابُ ذَلِكَ وَتَحَفُّظُهُمْ إيَّاهُ; لِمَا عَلَيْهِمْ فِي ذَلِكَ مِنْ الْمَشَقَّةِ. وَإِذَا كَانَ أَهْلُ لِسَانِهِ فِي ذَلِكَ كَمَا ذَكَرْنَا كَانَ مَنْ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ لِسَانِهِ مِنْ بَعْدُ أَخْذُ ذَلِكَ عَنْهُ بِحُرُوفِهِ أَوْكَدُ, وَكَانَ عُذْرُهُمْ فِي ذَلِكَ أَبْسَطَ; لأَنَّ مَنْ كَانَ عَلَى لُغَةٍ مِنْ اللُّغَاتِ ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَتَحَوَّلَ عَنْهَا إلَى غَيْرِهَا مِنْ اللُّغَاتِ لَمْ يَتَهَيَّأْ ذَلِكَ لَهُ إِلاَّ بِالرِّيَاضَةِ الشَّدِيدَةِ وَالْمَشَقَّةِ الْغَلِيظَةِ وَكَانُوا يَحْتَاجُونَ إلَى حِفْظِ مَا قَدْ تَلاَهُ عَلَيْهِمْ صلى الله عليه وسلم مِمَّا أَنْزَلَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْهِ مِنْ الْقُرْآنِ; لِيَقْرَءُوهُ فِي صَلاَتِهِمْ وَلِيَعْلَمُوا بِهِ شَرَائِعَ دِينِهِمْ فَوَسَّعَ عَلَيْهِمْ فِي ذَلِكَ أَنْ يَتْلُوهُ بِمَعَانِيهِ, وَإِنْ خَالَفَتْ أَلْفَاظُهُمْ الَّتِي يَتْلُونَهُ بِهَا أَلْفَاظَ نَبِيِّهِمْ صلى الله عليه وسلم الَّتِي قَرَأَهُ بِهَا عَلَيْهِمْ فَوَسَّعَ لَهُمْ فِي ذَلِكَ بِمَا ذَكَرْنَا وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا وَصَفْنَا مِنْ ذَلِكَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ وَهِشَامَ بْنَ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ رضي الله عنهما وَهُمَا قُرَشِيَّانِ لِسَانُهُمَا لِسَانُ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم الَّذِي بِهِ نَزَلَ الْقُرْآنُ عَلَيْهِ قَدْ كَانَا اخْتَلَفَا فِيمَا قَرَأَ بِهِ سُورَةَ الْفُرْقَانِ حَتَّى قَرَآهَا عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَكَانَ مِنْ قَوْلِهِ لَهُمَا مَا قَدْ رُوِيَ فِي حَدِيثٍ يَعُودُ إلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه وَهُوَ مَا قَدْ حَدَّثَنَا يُونُسُ قَالَ: أَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَنَّ مَالِكًا حَدَّثَهُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدٍ الْقَارِيّ سَمِعْت عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه يَقُولُ سَمِعْت هِشَامَ بْنَ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ يَقْرَأُ سُورَةَ الْفُرْقَانِ عَلَى غَيْرِ مَا أَقْرَؤُهَا عَلَيْهِ وَكَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَقْرَأَنِيهَا فَكِدْتُ أَعْجَلُ عَلَيْهِ ثُمَّ أَمْهَلْتُهُ حَتَّى انْصَرَفَ ثُمَّ لَبَبْتُهُ بِرِدَائِهِ فَجِئْت بِهِ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقُلْت إنِّي سَمِعْت هَذَا يَقْرَأُ سُورَةَ الْفُرْقَانِ عَلَى غَيْرِ مَا أَقْرَأْتنِيهَا فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم اقْرَأْ فَقَرَأَ الْقِرَاءَةَ الَّتِي سَمِعْتُهُ يَقْرَأُ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم هَكَذَا أُنْزِلَتْ ثُمَّ قَالَ لِي: اقْرَأْ فَقَرَأْت فَقَالَ هَكَذَا أُنْزِلَتْ إنَّ هَذَا الْقُرْآنَ أُنْزِلَ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ. وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا الْمُزَنِيّ قَالَ حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَالِكٌ ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَالِكٌ ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ وَمَا حَدَّثَنَا يَزِيدُ قَالَ حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ قَالَ: قَرَأْت عَلَى مَالِكٍ ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ قَالَ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ الْقَطَوَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الأَنْصَارِيُّ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدٍ الْقَارِي قَالاَ: سَمِعْنَا عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَقُولُ سَمِعْت هِشَامَ بْنَ حَكِيمٍ يَقْرَأُ سُورَةَ الْفُرْقَانِ ثُمَّ ذَكَرَهُ وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا يُونُسُ قَالَ: أَنَا ابْنُ وَهْبٍ،قَالَ: أَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ الْمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَبْدِ الْقَارِي أَخْبَرَاهُ أَنَّهُمَا سَمِعَا عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه يَقُولُ ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ. وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُد قَالاَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّ الْمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَبْدِ الْقَارِي حَدَّثَاهُ أَنَّهُمَا سَمِعَا عُمَرَ ثُمَّ ذَكَرَا مِثْلَهُ. قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ فَعَقِلْنَا بِذَلِكَ أَنَّ اخْتِلاَفَ عُمَرَ وَهِشَامٍ فِي قِرَاءَةِ هَذِهِ السُّورَةِ حَتَّى قَالَ: لَهُمَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ أَجْلِ اخْتِلاَفِهِمَا مَا قَالَهُ لَهُمَا مِمَّا ذُكِرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ, وَأَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا كَانَ فِي الأَلْفَاظِ الَّتِي قَرَأَهَا بِهَا كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِمَّا يُخَالِفُ الأَلْفَاظَ الَّتِي قَرَأَهَا بِهَا الآخَرُ مِنْهُمَا وَعَقِلْنَا بِذَلِكَ أَنَّ السَّبْعَةَ الأَحْرُفَ الَّتِي أَعَلَمَهُمَا أَنَّ الْقُرْآنَ نَزَلَ بِهَا هِيَ الأَحْرُفُ الَّتِي لاَ تَخْتَلِفُ فِي أَمْرٍ وَلاَ فِي نَهْيٍ وَلاَ فِي حَلاَلٍ وَلاَ فِي حَرَامٍ كَمِثْلِ قَوْلِ الرَّجُلِ لِلرَّجُلِ أَقْبِلْ وَقَوْلِهِ لَهُ: تَعَالَ وَقَوْلِهِ لَهُ: اُدْنُ, وَانْتَفَى بِذَلِكَ الْقَوْلاَنِ اللَّذَانِ بَدَأْنَا بِذِكْرِهِمَا فِي هَذَا الْبَابِ وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا قَدْ رُوِيَ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي هَذَا الْمَعْنَى حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ بَكْرٍ السَّهْمِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ الطَّوِيلُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ رضي الله عنه قَالَ: مَا حَاكَ فِي نَفْسِي مُنْذُ أَسْلَمْت شَيْءٌ إِلاَّ أَنِّي قَرَأْت آيَةً وَقَرَأَهَا غَيْرِي فَقُلْت أَقْرَأَنِيهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَقَالَ صَاحِبِي أَقْرَأَنِيهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَأَتَيْنَاهُ فَقُلْت يَا رَسُولَ اللهِ أَقْرَأْتَنِي آيَةَ كَذَا قَالَ: نَعَمْ وَقَالَ صَاحِبِي أَقْرَأْتَنِيهَا هَكَذَا قَالَ نَعَمْ أَتَانِي جَبْرَائِيلُ وَمِيكَائِيلُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِمَا فَجَلَسَ جَبْرَائِيلُ عَنْ يَمِينِي وَجَلَسَ مِيكَائِيلُ عَنْ يَسَارِي فَقَالَ اقْرَأْ الْقُرْآنَ عَلَى حَرْفٍ فَقَالَ مِيكَائِيلُ اسْتَزِدْهُ فَقَالَ اقْرَأْ الْقُرْآنَ عَلَى حَرْفَيْنِ حَتَّى بَلَغَ سَبْعَةَ أَحْرُفٍ وَكُلٌّ كَافٍ شَافٍ. وَكَمَا حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ شُعَيْبٍ الْكَيْسَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْخَصِيبُ بْنُ نَاصِحٍ الْحَارِثِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى عَنْ قَتَادَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمُرَ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ صُرَدَ أَنَّ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ قَالَ ذَلِكَ. وَكَمَا حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُد، قَالَ: حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا قَتَادَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمُرَ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ صُرَدَ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ قَالَ: قَرَأَ أُبَيٍّ آيَةً وَقَرَأَ ابْنُ مَسْعُودٍ خِلاَفَهَا وَقَرَأَ رَجُلٌ آخَرُ خِلاَفَهَا فَأَتَيْنَا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقُلْت لَهُ أَلَمْ تَقْرَأْ آيَةَ كَذَا وَكَذَا, كَذَا وَكَذَا؟ وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ أَلَمْ تَقْرَأْ آيَةَ كَذَا وَكَذَا, كَذَا وَكَذَا؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم كُلُّكُمْ مُحْسِنٌ مُجْمِلٌ قَالَ: قُلْنَا مَا كُلُّنَا أَحْسَنُ وَلاَ أَجْمَلُ قَالَ: فَضَرَبَ صَدْرِي وَقَالَ يَا أُبَيٍّ أَقَرَأْت الْقُرْآنَ فَقُلْت عَلَى حَرْفٍ أَوْ عَلَى حَرْفَيْنِ؟ فَقَالَ لِي الْمَلَكُ الَّذِي عِنْدِي عَلَى حَرْفَيْنِ, فَقُلْتُ: عَلَى حَرْفَيْنِ؟ فَقَالَ لِي: عَلَى حَرْفَيْنِ أَوْ عَلَى ثَلاَثَةٍ, فَقَالَ لِي الْمَلَكُ الَّذِي مَعِي عَلَى ثَلاَثَةٍ فَقُلْت عَلَى ثَلاَثَةٍ هَكَذَا حَتَّى بَلَغَ سَبْعَةَ أَحْرُفٍ لَيْسَ مِنْهَا إِلاَّ شَافٍ كَافٍ قُلْت غَفُورًا رَحِيمًا أَوْ قُلْت سَمِيعًا حَكِيمًا أَوْ قُلْتُ: عَلِيمًا حَكِيمًا أَوْ قُلْت عَزِيزًا حَكِيمًا أَيْ ذَلِكَ قُلْت فَإِنَّهُ كَذَلِكَ وَزَادَ سُلَيْمَانُ فِي حَدِيثِهِ مَا لَمْ يُخْتَمْ عَذَابٌ بِرَحْمَةٍ أَوْ رَحْمَةٌ بِعَذَابٍ. وَكَمَا حَدَّثَنَا فَهْدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا إسْمَاعِيلُ بْنُ مُوسَى بْنِ بِنْتِ السُّدِّيِّ، قَالَ: حَدَّثَنَا شَرِيكٌ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ صُرَدَ يَرْفَعُهُ إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ أَتَانِي مَلَكَانِ فَقَالَ أَحَدُهُمَا أَقْرِئْهُ عَلَى حَرْفٍ فَقَالَ عَلَى حَرْفٍ؟ قَالَ: زِدْهُ فَانْتَهَى بِي إلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ دَاوُد، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو نَصْرٍ التَّمَّارُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبِيدُ اللهِ بْنُ عَمْرٍو عَنْ زَيْدٍ وَهُوَ ابْنُ أَبِي أُنَيْسَةَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ صُرَدَ قَالَ: أَتَى مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم الْمَلَكَانِ ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوَهُ. قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَكَانَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّ السَّبْعَةَ الأَحْرُفَ هِيَ السَّبْعَةُ الَّتِي ذَكَرْنَا, وَأَنَّهَا مِمَّا لاَ يَخْتَلِفُ مَعَانِيهَا, وَإِنْ اخْتَلَفَتْ الأَلْفَاظُ الَّتِي يَتَلَفَّظُ بِهَا وَأَنَّ ذَلِكَ كَانَ تَوْسِعَةً مِنْ اللهِ، تَعَالَى، عَلَيْهِمْ لِضَرُورَتِهِمْ إلَى ذَلِكَ وَحَاجَتِهِمْ إلَيْهِ, وَإِنْ كَانَ الَّذِي نَزَلَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إنَّمَا نَزَلَ بِأَلْفَاظٍ وَاحِدَةٍ. وَمِنْ ذَلِكَ مَا قَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما مِمَّا قَدْ حَمَلَهُ ابْنُ شِهَابٍ عَلَى الْمَعْنَى الَّذِي حَمَلْنَاهُ نَحْنُ عَلَيْهِ حَدَّثَنَا يُونُسُ قَالَ: أَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ اللهِ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما حَدَّثَهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: أَقْرَأَنِي جَبْرَائِيلُ صلى الله عليه وسلم عَلَى حَرْفٍ وَاحِدٍ فَرَاجَعْتُهُ فَلَمْ أَزَلْ أَسْتَزِيدُهُ فَيَزِيدُنِي حَتَّى انْتَهَى إلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ قَالَ: ابْنُ شِهَابٍ بَلَغَنِي أَنَّ تِلْكَ السَّبْعَةَ الأَحْرُفَ إنَّمَا تَكُونُ فِي الأَمْرِ الَّذِي يَكُونُ وَاحِدًا لاَ يَخْتَلِفُ فِي حَلاَلٍ وَلاَ حَرَامٍ. قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَكَانَتْ هَذِهِ السَّبْعَةُ لِلنَّاسِ فِي هَذِهِ الْحُرُوفِ فِي عَجْزِهِمْ عَنْ أَخْذِ الْقُرْآنِ عَلَى غَيْرِهَا مِمَّا لاَ يَقْدِرُونَ عَلَيْهِ لِ مَا قَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُنَا لَهُ فِي هَذَا الْبَابِ وَكَانُوا عَلَى ذَلِكَ حَتَّى كَثُرَ مَنْ يَكْتُبُ مِنْهُمْ, وَحَتَّى عَادَتْ لُغَاتُهُمْ إلَى لِسَانِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَرَءُوا بِذَلِكَ عَلَى تَحَفُّظٍ الْقُرْآنَ بِأَلْفَاظِهِ الَّتِي نَزَلَ بِهَا فَلَمْ يَسَعْهُمْ حِينَئِذٍ أَنْ يَقْرَءُوهُ بِخِلاَفِهَا وَبَانَ بِمَا ذَكَرْنَا أَنَّ تِلْكَ السَّبْعَةَ الأَحْرُفَ إنَّمَا كَانَتْ فِي وَقْتٍ خَاصٍّ لِضَرُورَةٍ دَعَتْ إلَى ذَلِكَ ثُمَّ ارْتَفَعَتْ تِلْكَ الضَّرُورَةُ فَارْتَفَعَ حُكْمُ هَذِهِ السَّبْعَةِ الأَحْرُفِ وَعَادَ مَا يُقْرَأُ بِهِ الْقُرْآنُ عَلَى حَرْفٍ وَاحِدٍ. وَقَدْ رُوِيَ مِنْ حَدِيثِ أُبَيٍّ فِي الْمَعْنَى الَّذِي ذَكَرْنَا مَا فِيهِ زِيَادَةً عَلَى حَدِيثِهِ الَّذِي رَوَيْنَاهُ قَبْلَ هَذَا كَمَا حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ نَصْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شَبَابَةُ بْنُ سَوَّارٍ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادٍ قَالاَ: ثنا شُعْبَةُ عَنْ الْحَكَمِ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ عَلَى أَضَاةِ بَنِي غِفَارٍ فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ فَقَالَ إنَّ اللَّهَ يَأْمُرُك أَنْ تَقْرَأَ أَنْتَ وَأُمَّتُك عَلَى حَرْفٍ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَسْأَلْ اللَّهَ مُعَافَاتَهُ وَمَغْفِرَتَهُ إنَّ أُمَّتِي لاَ تَسْتَطِيعُ ذَلِكَ ثُمَّ رَجَعَ إلَيْهِ الثَّانِيَةَ فَقَالَ: إنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكَ أَنْ تَقْرَأَ الْقُرْآنَ عَلَى حَرْفَيْنِ, فَقَالَ: أَسْأَلُ اللَّهَ مُعَافَاتَهُ وَمَغْفِرَتَهُ, إنَّ أُمَّتِي لاَ تُطِيقُ ذَلِكَ, ثُمَّ أَتَاهُ الثَّالِثَةَ, فَقَالَ لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ أَتَاهُ الرَّابِعَةَ فَقَالَ إنَّ اللَّهَ يَأْمُرُك وَأُمَّتَك أَنْ تَقْرَءُوا الْقُرْآنَ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ كُلَّمَا قَرَءُوا بِهَا أَصَابُوا وَرُوِيَ عَنْ أَبِي بَكْرَةَ فِي هَذَا الْمَعْنَى أَيْضًا. وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا بَكَّارَ بْنُ قُتَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَفَّانَ بْنُ مُسْلِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ عَنْ أَبِي بَكْرَةَ قَالَ: جَاءَ جِبْرِيلُ صلى الله عليه وسلم إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ اقْرَأْ عَلَى حَرْفٍ قَالَ فَقَالَ مِيكَائِيلُ اسْتَزِدْهُ فَقَالَ: اقْرَأْ عَلَى حَرْفَيْنِ, فَقَالَ مِيكَائِيلُ: اسْتَزِدْهُ حَتَّى بَلَغَ إلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ فَقَالَ اقْرَأْهُ فَكُلٌّ كَافٍ شَافٍ إِلاَّ أَنْ تَخْلِطَ آيَةَ رَحْمَةٍ بِآيَةِ عَذَابٍ أَوْ آيَةَ عَذَابٍ بِآيَةِ رَحْمَةٍ عَلَى نَحْوِ هَلُمَّ وَتَعَالَ وَأَقْبِلْ وَاذْهَبْ وَأَسْرِعْ وَعَجِّلْ. فَدَلَّ مَا فِي هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ أَيْضًا عَلَى مَا قَدْ ذَكَرْنَاهُ مِمَّا حَمَلْنَا وُجُوهَ هَذِهِ الآثَارِ عَلَيْهِ وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى عَوْدِ التِّلاَوَةِ إلَى حَرْفٍ قَبْلَهُمَا وَاحِدٍ بَعْدَ مَا كَانَتْ قَبْلَ ذَلِكَ عَلَى الأَحْرُفِ السَّبْعَةِ الَّتِي ذَكَرْنَا مَا قَدْ كَانَ مِنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رضي الله عنه مِنْ جَمْعِهِ الْقُرْآنَ وَاكْتِتَابِهِ فِيمَا كَانَ اكْتَتَبَهُ فِيهِ. حَدَّثَنَا يُونُسُ قَالَ: أَنَا ابْنُ وَهْبٍ،قَالَ: أَخْبَرَنِي مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمٍ وَخَارِجَةَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ رضي الله عنه كَانَ جَمَعَ الْقُرْآنَ فِي قَرَاطِيسَ وَكَانَ قَدْ سَأَلَ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ النَّظَرَ فِي ذَلِكَ فَأَبَى عَلَيْهِ حَتَّى اسْتَعَانَ عَلَيْهِ بِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه فَفَعَلَ فَكَانَتْ تِلْكَ الْكُتُبُ عِنْدَ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه حَتَّى تُوُفِّيَ ثُمَّ كَانَتْ عِنْدَ حَفْصَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَأَرْسَلَ إلَيْهَا عُثْمَانُ فَأَبَتْ أَنْ تَدْفَعَهَا إلَيْهِ حَتَّى عَاهَدَهَا لَيَرُدَّنَّهَا إلَيْهَا فَبَعَثَتْ بِهَا إلَيْهِ فَنَسَخَهَا عُثْمَانُ رضي الله عنه هَذِهِ الْمَصَاحِفَ ثُمَّ رَدَّهَا إلَيْهَا فَلَمْ تَزَلْ عِنْدَهَا حَتَّى أَرْسَلَ مَرْوَانُ فَأَخَذَهَا فَحَرَقَهَا. وَكَمَا حَدَّثَنَا يُونُسُ قَالَ حَدَّثَنَا نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ غَزِيَّةَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ خَارِجَةَ بْنِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لَمَّا قُتِلَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِالْيَمَامَةِ دَخَلَ عُمَرُ رضي الله عنه عَلَى أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه فَقَالَ: إنَّ أَصْحَابَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم تَهَافَتُوا يَوْمَ الْيَمَامَةِ, وَإِنِّي أَخْشَى أَنْ لاَ يَشْهَدُوا مَوْطِنًا إِلاَّ فَعَلُوا ذَلِكَ فِيهِ حَتَّى يُقْتَلُوا وَهُمْ حَمَلَةُ الْقُرْآنِ فَيَضِيعَ الْقُرْآنُ وَيُنْسَى فَلَوْ جَمَعْتَهُ وَكَتَبْتَهُ فَنَفَرَ مِنْهَا أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه وَقَالَ أَفْعَلُ مَا لَمْ يَفْعَلْ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ أَرْسَلَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه إلَى زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَعُمَرُ مُحْزَئِلٌّ يَعْنِي شِبْهَ الْمُتَّكِئِ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ إنَّ هَذَا دَعَانِي إلَى أَمْرٍ فَأَبَيْت عَلَيْهِ وَأَنْتَ كَاتِبُ الْوَحْيِ فَإِنْ تَكُنْ مَعَهُ اتَّبَعْتُكُمَا, وَإِنْ تُوَافِقْنِي لَمْ أَفْعَلْ مَا قَالَ: فَاقْتَصَّ أَبُو بَكْرٍ قَوْلَ عُمَرَ فَنَفَرْت مِنْ ذَلِكَ وَقُلْت نَفْعَلُ مَا لَمْ يَفْعَلْ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إلَى أَنْ قَالَ: عُمَرُ رضي الله عنه كَلِمَةً قَالَ وَمَا عَلَيْكُمَا لَوْ فَعَلْتُمَا فَأَمَرَنِي أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه فَكَتَبْتُهُ فِي قِطَعِ الأَدَمِ وَكِسَرِ الأَكْتَافِ وَالْعُسُبِ قَالَ الشَّيْخُ يَعْنِي الْجَرِيدَ فَلَمَّا هَلَكَ أَبُو بَكْرٍ وَكَانَ عُمَرُ قَدْ كَتَبَ ذَلِكَ كُلَّهُ فِي صَحِيفَةٍ وَاحِدَةٍ فَكَانَتْ عِنْدَهُ فَلَمَّا هَلَكَ كَانَتْ عِنْدَ حَفْصَةَ ثُمَّ إنَّ حُذَيْفَةَ بْنَ الْيَمَانِ قَدِمَ مِنْ غَزْوَةٍ غَزَاهَا فَرْجَ أَرْمِينِيَةَ فَلَمْ يَدْخُلْ بَيْتَهُ حَتَّى أَتَى عُثْمَانَ فَقَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَدْرِكْ النَّاسَ فَقَالَ عُثْمَانُ وَمَا ذَاكَ؟ فَقَالَ: غَزَوْتُ أَرْمِينِيَةَ فَحَضَرَهَا أَهْلُ الْعِرَاقِ وَأَهْلُ الشَّامِ وَإِذَا أَهْلُ الشَّامِ يَقْرَءُونَ بِقِرَاءَةِ أُبَيٍّ فَيَأْتُونَ بِمَا لَمْ يَسْمَعْ أَهْلُ الْعِرَاقِ فَيُكَفِّرُهُمْ أَهْلُ الْعِرَاقِ, وَإِذَا أَهْلُ الْعِرَاقِ يَقْرَءُونَ بِقِرَاءَةِ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ فَيَأْتُونَ بِمَا لَمْ يَسْمَعْ أَهْلُ الشَّامِ فَيُكَفِّرُهُمْ أَهْلُ الشَّامِ قَالَ: زَيْدٌ فَأَمَرَنِي عُثْمَانُ أَنْ أَكْتُبَ لَهُ مُصْحَفًا وَقَالَ إنِّي جَاعِلٌ مَعَك رَجُلاً لَبِيبًا فَصِيحًا فَمَا اجْتَمَعْتُمَا فِيهِ فَاكْتُبَاهُ, وَمَا اخْتَلَفْتُمَا فِيهِ فَارْفَعَاهُ إلَيَّ فَجَعَلَ مَعَهُ أَبَانَ بْنَ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ فَلَمَّا بَلَغَ إنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمْ التَّابُوتُ قَالَ: زَيْدٌ فَقُلْت أَنَا التَّابُوهُ وَقَالَ أَبَانٌ: التَّابُوتُ فَرَفَعْنَا ذَلِكَ إلَى عُثْمَانَ فَكَتَبَ التَّابُوتَ ثُمَّ عَرَضْتُهُ يَعْنِي الْمُصْحَفَ عَرْضَةً أُخْرَى فَلَمْ أَجِدْ فِيهِ شَيْئًا وَأَرْسَلَ عُثْمَانُ إلَى حَفْصَةَ أَنْ تُعْطِيَهُ الصَّحِيفَةَ وَحَلَفَ لَهَا لَيَرُدَّنَّهَا إلَيْهَا فَأَعْطَتْهُ فَعَرَضْت الْمُصْحَفَ عَلَيْهَا فَلَمْ يَخْتَلِفَا فِي شَيْءٍ فَرَدَّهَا عَلَيْهَا وَطَابَتْ نَفْسُهُ وَأَمَرَ النَّاسَ أَنْ يَكْتُبُوا الْمَصَاحِفَ. قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَوَقَفْنَا بِذَلِكَ عَلَى أَنَّ جَمْعَ الْقُرْآنِ كَانَ مِنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ رضي الله عنهما وَهُمَا رَاشِدَانِ مَهْدِيَّانِ, وَقَدْ تَقَدَّمَ أَمْرُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِالْقُدْوَةِ بِهِمَا وَقَدْ رَوَيْنَا ذَلِكَ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنَّا فِي كِتَابِنَا هَذَا وَتَابَعَهُمَا عُثْمَانُ رضي الله عنه عَلَى ذَلِكَ وَهُوَ إمَامٌ رَاشِدٌ مَهْدِيٌّ وَتَابَعَهُمْ عَلَيْهِ أَيْضًا زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ وَهُوَ كَاتِبُ الْوَحْيِ لِرَسُولِ اللهِ فَكَتَبَ الْمُصْحَفَ لِعُثْمَانَ بِيَدِهِ وَتَابَعَهُمْ أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى ذَلِكَ فَصَارَ إجْمَاعًا وَالنَّقْلُ بِالإِجْمَاعِ هُوَ الْحُجَّةُ الَّتِي بِمِثْلِهَا نُقِلَ الإِسْلاَمُ إلَيْنَا حَتَّى عَلِمْنَا شَرَائِعَهُ وَحَتَّى وَقَفْنَا عَلَى عَدَدِ الصَّلَوَاتِ وَعَلَى مَا سِوَاهَا مِمَّا هُوَ مِنْ شَرَائِعِ الإِسْلاَمِ, وَعَادَ ذَلِكَ إلَى أَنَّ مَنْ كَفَرَ بِحَرْفٍ مِنْهُ كَانَ كَافِرًا حَلاَلَ الدَّمِ إنْ لَمْ يَرْجِعْ إلَى مَا عَلَيْهِ أَهْلُ الْجَمَاعَةِ وَفَارَقَ ذَلِكَ حُكْمَ الأَخْبَارِ الَّتِي يَرْوِيهَا الآحَادُ بِمَا يُخَالِفُ شَيْئًا مِمَّا فِي الْمُصْحَفِ الَّذِي ذَكَرْنَا; لأَنَّهُ لاَ يَكُونُ كَافِرًا مَنْ كَفَرَ بِمَا جَاءَتْ بِهِ أَخْبَارُ الآحَادِ كَمَا يَكُونُ كَافِرًا مَنْ كَفَرَ بِمَا جَاءَتْ بِهِ الْجَمَاعَةُ مِمَّا ذَكَرْنَا, وَكَانَ فِيمَا ذَكَرْنَا مَا قَدْ دَلَّ أَنَّ مَنْ أَضَافَ شَيْئًا مِمَّا يُخَالِفُ مَا فِي مُصْحَفِنَا هَذَا إلَى أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم غَيْرُ مُتَلَفِّتٍ إلَى مَا حَكَى; لأَنَّهُ حَكَى مَا لاَ تَقُومُ بِهِ الْحُجَّةُ مِمَّا يُخَالِفُهُ مِمَّا قَدْ قَامَتْ بِهِ الْحُجَّةُ وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ وَفِيمَا ذَكَرْنَا مِمَّا قَدْ رَوَيْنَاهُ فِي حَدِيثِ يُونُسَ عَنْ نُعَيْمٍ مِمَّا عَادَ إلَى خَارِجَةَ بْنِ زَيْدٍ أَنَّ كَاتِبَ الْمُصْحَفِ الْمَكْتُوبِ فِي زَمَنِ عُثْمَانَ كَانَ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ بِمَحْضَرِ أَبَانِ بْنِ سَعِيدٍ بِامْتِثَالِ مَا كَانَا يَفْعَلاَنِ فِي ذَلِكَ عِنْدَ اجْتِمَاعِهِمَا وَمَا كَانَ يَفْعَلاَنِ فِي اخْتِلاَفِهِمَا. وَقَدْ رُوِيَ عَنْ غَيْرِ خَارِجَةَ أَنَّ أَصْحَابَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم هُمْ كَانُوا كَاتِبِي ذَلِكَ الْمُصْحَفِ بِأَمْرِ عُثْمَانَ كَمَا حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُد، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عُمَرَ الْحَوْضِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ أَبِي قِلاَبَةَ قَالَ: حَدَّثَنِي رَجُلٌ مِنْ بَنِي عَامِرٍ يُقَالُ لَهُ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ قَالَ اخْتَلَفُوا فِي الْقُرْآنِ عَلَى عَهْدِ عُثْمَانَ حَتَّى اقْتَتَلَ الْغِلْمَانُ وَالْمُعَلَّمُونَ فَبَلَغَ عُثْمَانَ فَقَالَ عِنْدِي تَكْذِبُونَ بِهِ وَتَخْتَلِفُونَ فِيهِ فَمَنْ نَأَى عَنِّي كَانَ أَشَدَّ تَكْذِيبًا, وَأَكْثَرَ لَحْنًا [ وَقَالَ ] لأَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم اجْتَمِعُوا فَاكْتُبُوا لِلنَّاسِ قَالَ فَكَتَبُوا قَالَ فَحَدَّثَنِي أَنَّهُمْ إذَا تَدَارَءُوا فِي آيَةٍ قَالُوا هَذِهِ أَقْرَأَهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فُلاَنًا فَيُرْسِلُ إلَيْهِ, وَهُوَ عَلَى رَأْسِ ثَلاَثٍ مِنْ الْمَدِينَةِ فَيُقَالُ كَيْفَ أَقْرَأَك رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَذَا وَكَذَا فَيَقُولُ كَذَا وَكَذَا فَيَكْتُبُونَهَا وَقَدْ تَرَكُوا لَهَا مَكَانًا فَهَذَا فِي التَّوْكِيدِ فَوْقَ مَا فِي حَدِيثِ خَارِجَةَ وَاَللَّهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ.
|